في قرية نائية، تحيط بها الجبال من كل جانب، عاش شاب يدعى يوسف. كان يوسف يتمتع بحياة بسيطة، حيث كان يعمل في الحقول وينعم بسلام الريف. لكن قلبه كان ينبض بحب كبير لفتاة تدعى ليلى، وهي ابنة أحد الفلاحين في القرية. كانت ليلى تعرف بعينيها الواسعة كالنجوم وشعرها الأسود ك الليل الحالك.
لم يكن حب يوسف وليلى سرا؛ فقد عرف الجميع علاقتهما و بنيتهم للزواج. لكن كان هناك شيء غامض يلوح في الأفق، شيء يخفيه القدر عن الجميع.
في إحدى الليالي الباردة، بينما كانت السماء تمطر بغزارة، طرق باب يوسف رجل عجوز غريب الأطوار. كان يرتدي معطفا أسود طويلا، ووجهه مغطى ب الندوب. قال الرجل ليوسف بصوت مبحوح: "أنت مقدر لك أن تخسر كل ما تحب، وكلما قاومت، زادت خسائرك."
ضحك يوسف متجاهلا كلام الرجل، فقد كان يعتقد أن هذا مجرد خرافة من خرافات القرى. لكن العجوز حذره قائلاً: "إياك أن تحاول إنقاذ ليلى، ف مصيرك ومصيرها مرتبطان بدموع الزمن."
بعد أيام قليلة، أصيبت ليلى بمرض غامض لم يتمكن الأطباء من تشخيصه. كانت تفقد قوتها يومًا بعد يوم، وعيناها الواسعة اللتان كانتا تشعان بالحياة أصبحتا فارغتين كأنهما نافذتان إلى عالمٍ آخر.
لم يكن يوسف مستعدا لتقبل خسارتها، فتذكر كلمات العجوز وقرر البحث عنه. بعد بحث طويل في الجبال والغابات، وجده في كهف مهجور، جالسا أمام مرآة قديمة.
قال يوسف ب يأس: "أرجوك، أخبرني كيف أنقذ ليلى."
أجاب العجوز: "السبيل الوحيد لإنقاذها هو أن تقدم شيئًا أغلى من حبك لها. عليك أن تقدم سنوات من حياتك."
دون تردد، وافق يوسف على التضحية. وضع العجوز يده على رأس يوسف وهمس بكلمات غامضة، وفجأة بدأت سنوات يوسف تتبخر كأنها دخان يتصاعد نحو السماء.
عاد يوسف إلى القرية، لكنه لم يكن كما كان. شاب شعره، وترهل جسده، كأن الزمن سرق منه شبابه في لحظة. عندما وصل إلى منزل ليلى، وجدها قد شفيت تماما. ولكن عندما نظرت إليه، لم تعرفه. كانت ذاكرتها قد تلاشت معه، و كأن الزمن محا كل ذكرياتهم سويا.
رحل يوسف وحيدا، تاركا وراءه كل ما كان يحبه، فقد كانت حياته ليست سوى ظل للزمن المفقود. أما ليلى، ف عاشت حياة سعيدة، لكن دون أن تتذكر يومًا مع من أحبها بصدق وقدم حياته من أجلها.
وظل يوسف يتجول في القرى، متخفيا في ظلام الليالي، يتتبع الزمن المفقود، لعله يجد يومًا من يعيد له ما خسره.