في أحد الأيام الهادئة في بلدة صغيرة تقع بين الجبال الخضراء، كانت تعيش فتاة تدعى ليلى. ليلى كانت فتاة وحيدة، فقدت والديها في حادث مؤلم وهي في عمر العشر سنوات. منذ ذلك الحين، أصبحت تعيش مع جدتها العجوز التي كانت تحبها حبا كثيرا، لكن علي مدار الأيام تعبت الجدة كثيرا و مرضت وماتت.
كبرت ليلى وهي تشعر بالفراغ، كانت تتساءل عن سبب فقدانها لكل من تحب في حياتها. كانت تتجول في شوارع البلدة الصغيرة وهي تحمل كتابا في يدها، حيث كانت الكتب هي الملاذ الوحيد الذي يمكنها الهروب إليه من الواقع القاسي الذي تعيشه.
في أحد الأيام، وبينما كانت ليلى تجلس تحت شجرة قديمة في الحديقة العامة، اقترب منها شاب يدعى يوسف. كان يوسف يعمل في مكتبة صغيرة في البلدة. لم تكن ليلى تعرفه جيدًا، لكنه كان يلاحظها دائمًا تأتي لشراء الكتب أو تقرأ في الزوايا الهادئة. جلس يوسف بجانبها وسألها بلطف: "هل يمكنني الجلوس هنا؟"
نظرت ليلى إليه بنظرة خجولة وهزت رأسها بالموافقة. لم يتحدثان كثيرًا في البداية، لكن مع مرور الأيام بدأ يوسف يجلس معها بانتظام. كان يحدثها عن الكتب التي قرأها وعن أفكاره وأحلامه. بدأت ليلى تشعر ببعض الراحة في وجوده، وكان يوسف الشخص الوحيد الذي تمكن من كسر الحاجز الذي كانت تبنيه حول قلبها لسنوات.
مرت الأيام، وتطورت الصداقة بينهما إلى شيء أكبر. بدأت ليلى تشعر بشيء لم تعرفه منذ وفاة والديها وهو الأمل. كانت تفكر أن الحياة قد تكون لها معنى جديد، وأن هناك سببا للاستمرار.
لكن كما هي العادة، لم تدم السعادة طويلا. في إحدى الليالي، وصلتها أخبار مروعة. يوسف تعرض لحادث سير أثناء عودته إلى المنزل، وكان في حالة حرجة. ذهبت ليلى مسرعة إلى المستشفى، لكنها وصلت بعد فوات الأوان. توفي يوسف بين يديها، وتركها تغرق مرة أخرى في دوامة الحزن و الفقد.
عادت ليلى إلى وحدتها، لكنها هذه المرة كانت تحمل في قلبها ذكريات يوسف، الشخص الذي أضاء حياتها المظلمة للحظة قصيرة. ومع ذلك، كان الفقدان مضاعفا هذه المرة. لم تعد تعرف كيف تواجه الحياة بدون يوسف ولا كيف تواصل العيش وهي محاطة بهذا الظلام الدائم.
انتهت الأيام وهي تتجول بين الشوارع الفارغة، تبحث عن الأمل الذي فقدته مرة أخرى.
.png)